عيد تحرير سيناء في عيون وقلوب أبناء أكتوبر
عيد تحرير سيناء في عيون وقلوب أبناء أكتوبر
مع اللواء : محمد حسن الصول
تحتفل مصر هذه الأيام بذكري من أعز وأغلي الذكريات وهي عيد تحرير سيناء وأجد نفسي أغوص في شريط الذكريات لأن هذه المناسبة هي أسعد وأجمل أيام عمري وأضبط المؤشر علي ليالي وأيام معارك الاستنزاف وقصصها الجميلة، رغم قسوة هذه الفترة التي كانت أصعب أيام المعارك، لكنها غرست فينا الثقة بالنفس والسلاح والقيادات وكانت معارك شبه يومية ولكننا اعتبرناها طابور تدريب تكتيكياً أو مشروعاً استراتيجياً وأتذكر معارك الجزيرة الخضراء وصوت الفنان محمد العزبي الذي كان يحضر للجبهة مع الكثير من الفنانين لأداء حفلات ترفيهية، ثم تمضي بنا الأيام ثقيلة صعبة حتي حان وقت التضحية والفداء وبدأت معركة الكرامة وتحرير أرض سيناء
وأتأمل أرض سيناء وتضاريسها وجبالها ووديانها وسهولها وأفكر هل سيكون احتفالنا بتحرير سيناء بالحفلات والأغاني وبرقيات التهاني؟! إنني لست ضد الحفلات بل إنني من المؤيدين للاحتفال بذكريات النصر لأنه يبعث بقلوب المصريين الفرحة والسعادة والشعور بالإعزاز والفخر.. أليس من الأفضل البحث عن أسلوب آخر لهذه الاحتفالات؟! إن سيناء تشكل لنا شيئا مهماً من تاريخنا الحديث والقديم، فهي أرض الديانات وهي أرض مباركة كما جاء بالقرآن وجميع الكتب السماوية، وهي أرض البطولات عبر العصور وهي بوابة مصر الشرقية، لذا كانت أهمية أرض سيناء اقتصاديا وسياسيا وأمناً قومياً، وسيناء تمثل فراغا استراتيجيا له تأثير علي الأمن القومي لأن أي أرض دون سكان ـ مهما كانت القوة العسكرية ـ لا تساوي شيئا..
ولا شك أن هناك حركة تعمير تمت بعد التحرير، لكن لم تحظ سيناء باهتمام كامل فيجب أن يزحف نحو سيناء سكان الوادي بدلا من أن تكون مطمعا للصهاينة، ولحسن الحظ سيناء غنية بمواردها المتعددة من المعادن المختلفة وهناك جبال الرخام ومناجم الفحم وغيرها، وقد شاهدت بنفسي جبل المغارة والسواعد تستخرج منه أجود أنواع الفحم، وهناك الكثير من المواد التعدينية وبها كنوز المعادن لمن يبحث ويجتهد فلماذا لا يتم إنشاء كلية للبترول وكلية للجيولوجيا وللعلوم؟! أما السياحة فهي بقعة من أروع المناطق السياحية في العالم فهي أرض الفيروز بشواطئها الرائعة وهناك المزارات الدينية الجميلة مثل دير سانت كاترين وجبل موسي وأرض شعيب وعيون موسي.
أما الزراعة فهي عنصر أساسي لجذب السكان، منطقة سهل الطينة وبوصول مياه النيل إليها أصبحت صالحة للزراعة، منطقة وادي العريش التي تحتل ربع مساحة شمال سيناء بها أجود الأراضي الزراعية وكميات المياه الوافدة مع السيول للوادي وروافده الممتدة وأرض سيناء غنية بالمياه الجوفية.. وهناك منطقة وادي فيران الغنية بالمزروعات والتي تستخدم ـ للأسف ـ بالمزروعات الممنوعة من أنواع المخدرات المختلفة لماذا لا نحولها إلي زراعات موسمية؟!
إن مياه الأمطار والسيول والمياه الجوفية يمكن أن تزرع فيها أكثر من مليون فدان، ألا يوفر ذلك فرص عمل للعاطلين من أبناء الريف المصري خصوصا بعد توقف العمل بالعراق؟! لماذا لا نتعلم من أعدائنا وننشئ معسكرات وقري دفاعية؟!
لماذا لا نملك هذه الأرض للمسرحين من القوات المسلحة بالمجان وتكون هناك قوة تدافع عن سيناء كما تفعل إسرائيل في المستوطنات وكتائب الجدناع والناحال..
هناك الكثير فأرض سيناء لها تأثير مباشر علي الأمن القومي افتحوا ملف سيناء وناقشوه وقدموا لأهل سيناء الدعم، فهؤلاء السكان هم الذين عاشوا تحت الاحتلال الصهيوني منذ 67 حتي 73 وقدموا لمصر الكثير وساعدوا رجال المخابرات العامة والمخابرات المصرية والاستطلاع الكثير والكثير.
دعوني أتذكر موقفنا مع العدو الصهيوني لنسترد أرض سيناء ونسترد كرامتنا وعزتنا وكيف كانت الأمة العربية وحدة واحدة وكانت رموز من قوات عربية تعمل بجانب مصر وسوريا، وهناك سلاح البترول وهناك الوقفة العربية القوية الصامدة.
ثم يدور شريط الذكريات لأروع وأجمل ملحمة عسكرية في السادس من أكتوبر 73 كانت وثبة الجيش المصري وعبور قناة السويس في ملحمة هزت العالم لتؤكد أن عصابة الصهاينة لا تصلح معهم عهود أو اتفاقيات لا يعرفون سوي لغة القوة والبطش فكانت قوة الجيش المصري المتسلح بالإيمان والوطنية وبطولات الجندي المصري الذي عبر القناة وحطم حصون بارليف ليتعلمِّ الصهاينة لغة الخطاب وليعلم الجميع أن حرب أكتوبر المجيد قلبت الموازين وغيرت المفاهيم وبدأت المدارس والمعاهد العسكرية في العالم تدرس ما حققه المصريون،
وسارع خبراء الاستراتيجية للاستفادة مما حققه الجندي المصري والضابط المصري خلال تخطيطهم للمعركة سواء الأسلحة المستخدمة ونوعية الجندي المصري خصوصا جندي المشاة الذي فرض نفسه في هذه المعركة رغم أن كل الدراسات قد ألغت دور الجندي المترجل مع التطور التكنولوجي وظهور الأسلحة والمعدات الحديثة وكان أبطال المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات المسماة بالمولوتيكا والتي حصدت ودمرت المئات من دبابات ومركبات العدو الصهيوني،
وكان الطيران المصري البسيط المتمثل في الميج 17، 19 و21 والسوخوي يبثون الرعب في الفانتوم والميراج والسكاي هوك .
وكانت معارك الدبابات المصرية تفوق الوصف وتخالف كل القوانين أمام مدرعات العدو المتقدمة وتم تدمير المئات من دبابات العدو في أروع معارك الدبابات في العالم وكانت منصات الصواريخ الثابتة والمتحركة أنشودة تصرخ وتمنع أي طائرة للعدو من الاقتراب من قناة السويس،
وهناك رجال الصاعقة والمظلات الذين قاموا ببطولات خيالية في قطع طرق الامداد ونصب الكمائن للعدو في عمق دفاعاته وأبادوا أرتالا من مركبات ودبابات ودمروا مناطق الشئون الإدارية والقيادات،
وهناك ملحمة رجال المهندسين العسكريين الذين قاموا بأعظم دور في الحروب الحديثة في نقل خمس فرق مصرية من الغرب إلي شرق القناة وأزالوا حقول الألغام ونصبوا كمائن م.ع للعدو في عمق قواته
أما أبطال البحرية المصرية فكانت أعمالهم قصة رائحة تحتاج للكثير من الصفحات، حقا لقد كانت القوات المسلحة المصرية تحقق أعظم وأروع معركة أسلحة مشتركة في العالم.
والآن ونحن نحتفل بعيد تحرير سيناء أشعر بأننا في أشد الحاجة لعبور جديد يسترد فيه البعض الضمائر التي فقدها والقيم التي أهدرها والمبادئ التي تخلي عنها، نحن في حاجة إلي عبور جديد من الأنانية إلي التضحية ومن الجشع إلي القناعة ومن الحقد إلي الحب ومن المحسوبية إلي المساواة ومن الطمع إلي الزهد، في حاجة إلي عبور من تفكك الأسرة وانقسامها إلي ترابطها واتحادها.
شهر أكتوبر، سيظل محفوراً في ذاكرة كل مصري والحقيقة أن كل ما كتب وحكي من أفلام ومسلسلات وقصص وبرامج ما هو إلا قطرة في بحر انتصار أكتوبر،
ليس قصة عبور القناة واختراق خط وحصون بارليف، ليست مجرد معركة انتصرنا فيها، ولكنها قصة كتبت ونسجت خيوطها وحروفها بدماء رجال لم يعرفوا يوما سوي الشجاعة والفداء والتضحية والبطولات..
قصة انصهرت فيها أصالة شعب رفض الهزيمة، قصة قدم فيها جيل كامل كثيرا من التضحيات والبطولات من أجل مستقبل وكرامة وعزة شعب بأكمله.
وتعود بي الذاكرة مرة أخري لمجموعة من الصور..
الصورة الأولي:
في إحدي أيام عام 1970 سأل صحفي جنرالاً إسرائيلياً كان رئيسا لأركان إحدي الوحدات الإسرائيلية المتمركزة شرق القناة عما يحدث لو حاول المصريون عبور القناة فقهقه الجنرال الصهيوني ورد علي الصحفي: إنني بمفردي بمدفع هاون 81مم أستطيع أن أوقف عبورهم.
الصورة الثانية:
بعد حرب يونيو 67 أجري صحفي ألماني حديثا مع موشي ديان وزير الدفاع الصهيوني وسأله هل يستطيع الجيش المصري هزيمة إسرائيل في أي حرب قادمة؟ فابتسم ديان وقال: ليس للمصريين أي فرصة.. إنهم فقط يستطيعون أن يحاربوا أفضل لو حصلوا علي طيارين ألمان ومقاتلين إسرائيليين.
الصورة الثالثة:
المقال الافتتاحي لصحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية الصادرة في 3 أكتوبر 73 قال رئيس التحرير: إن رئاسة الأركان الإسرائيلية قد اتخذت احتياطات وإجراءات لاحتمال وقوع عمل عسكري مفاجئ،
وفي صحيفة «معاريف» الإسرائيلية الصادرة صباح 6 أكتوبر 73 قال المحرر العسكري: إن جيش الدفاع الإسرائيلي يرقب عن كثب كل ما يدور علي الجانب المصري لقناة السويس وقد اتخذت جميع الإجراءات لتفادي وقوع هجوم مفاجئ.
الصورة الرابعة:
خلال حرب الاستنزاف قمت بإحدي العمليات داخل سيناء علي الموقع الحصين الذي ستقوم كتيبتي بمهاجمته واقتحامه عند قيام المعركة لاستطلاع الموقع، وشاهدت جميع المواقع والدشم ولكن هزني شيء،
وهو لافتة كبيرة علي مدخل الموقع الصهيوني كتب عليها بالعربية والعبرية والإنجليزية «عام 48 أخذنا فلسطين - عام 56 أخذنا شرم الشيخ - عام 67 أخذنا سيناء - عام 75 سنأخذ القاهرة».
عودة للذكريات
لقد كان أكثر المتفائلين يقدر عبور القناة بأنه سيكلف المصريين أكثر من ثلاثين ألف شهيد، وبكل فخر لم تتجاوز خسائرنا في العبور سوي 200 شهيد فقط.
في الساعة الرابعة صباح 6 أكتوبر 73 دق جرس التليفون في منزل الجنرال زعيرا، قائد المخابرات الإسرائيلية، الذي استمتع لمكالمة، ثم وضع السماعة ليتصل علي الفور بالجنرال ديان ثم الجنرال إليعازر، وخلال نصف ساعة كان الجميع في مقر القيادة مع رئيسة الوزراء جولدامائير وقد أيقنوا أن الهجوم المصري السوري سيتم الساعة السادسة مساء هذا اليوم. وفي الساعة الثانية ظهرا، وفي مكتب رئيس شعبة الاستخبات العسكرية التف المراسلون العسكريون حول الجنرال إيلي زعيرا الذي أخذ يشرح لهم الموقف، وفي تلك اللحظ دخل السكرتير الخاص له وأعطاه ورقة نظر فيها زعيرا بعجلة ثم خرج من الغرفة وهو يرد علي الصحفيين بأن كل شيء سيكون علي ما يرام.كان الهجوم المصري قد بدأ بغارات جوية مكثفة قامت بها 240 طائرة وكانت الأهداف التي كلفت بها هي تدمير ثلاثة مطارات في سيناء، وبطاريات الصواريخ المضادة للطائرات وثلاثة مواقع قيادة وسيطرة، محطات الرادر، ومراكز تجمعات المدفعية، مراكز الشئون الإدارية، مراكز الإعانة والشوشرة،
ثم كانت تمهيدات المدفعية أكثر من 2000 مدفع من جميع الأعيرة في وقت واحد تدك مراكز القيادة والرادار والشئون الإدارية وتمركز الدبابات والموقع والدشم ثم بدأ الهجوم بعدد خمسة فرق مشاة «الفرقة السادسة والفرقة 16 والفرقة 18 بقيادة اللواء سعد مأمون قائد الجيش الثاني شمالا، والفرقة السابعة والفرقة 19 بقيادة اللواء عبدالمنعم واصل قائد الجيش الثالث جنوبا علي طول مواجهة قناة السويس 180 كم».
من بورسعيد شمالاً حتي السويس جنوبا باقتحام قناة السويس وتدمير والاستيلاء علي خط بارليف وإنشاء رءوس كباري علي الشاطئ الشرقي للقناة بعمق من 10 ـ 12كم وصد وتدمير الهجمات المضادة ثم وقفه تعبوية مع تطوير الهجوم شرقاً للاستيلاء علي خط المضايق الجبلية الاستراتيجية «الختمية ـ الجدي ـ متلا ـ رأس سدر».
وهنا تظهر عدة عوامل مهمة: مدي صعوبة التخطيط للمعركة في ظل ثوابت
«اخطر واصعب مانع مائي في التاريخ، لما تتميز به قناة السويس من سرعة التيار، وظاهرة المد والجزر أربع مرات يوميا، ثم ساتر ترابي غير مسبوق يصل ارتفاعه علي حافة القناة من 15 ـ 20 متراً ثم هناك تخصينات خط بارليف من دشم واسلاك شائكة وحقول الغام ومواسير نابالم لمسافة 180كم طولاً وعمق 15 كم في صورة 3 خطوط دفاعية وتتوالي المعارك وينتصر الجيش لمصري ونسترد الأرض والكرامة، وكانت خاتمة المعارك تلك المعركة القانونية علي ملكيتنا منطقة طابا بسبب أهميتها الاستراتيجية حيث إنها إحدي البوبات لخليج العقبة وهي منطقة استراتيجية للدفاع عن العقبة وتتحكم في الطرق المؤدية لسيناء كما أنها تعطي بعداً استراتيجيا لميناء ايلات، ورُفع العلم المصري يوم 25 من أبريل علي كل أرض سيناء لنحتفل بهذا اليوم العظيم والحقيقة هنا أتذكر بعض الكلمات التي لها معني كبير: الحروب يصنعها «الرجال الأبطال ويجني ثمارها الانتهازيون»
اللواء محمد حسن الصول ..
محلل عسكري
مع اللواء : محمد حسن الصول
تحتفل مصر هذه الأيام بذكري من أعز وأغلي الذكريات وهي عيد تحرير سيناء وأجد نفسي أغوص في شريط الذكريات لأن هذه المناسبة هي أسعد وأجمل أيام عمري وأضبط المؤشر علي ليالي وأيام معارك الاستنزاف وقصصها الجميلة، رغم قسوة هذه الفترة التي كانت أصعب أيام المعارك، لكنها غرست فينا الثقة بالنفس والسلاح والقيادات وكانت معارك شبه يومية ولكننا اعتبرناها طابور تدريب تكتيكياً أو مشروعاً استراتيجياً وأتذكر معارك الجزيرة الخضراء وصوت الفنان محمد العزبي الذي كان يحضر للجبهة مع الكثير من الفنانين لأداء حفلات ترفيهية، ثم تمضي بنا الأيام ثقيلة صعبة حتي حان وقت التضحية والفداء وبدأت معركة الكرامة وتحرير أرض سيناء
وأتأمل أرض سيناء وتضاريسها وجبالها ووديانها وسهولها وأفكر هل سيكون احتفالنا بتحرير سيناء بالحفلات والأغاني وبرقيات التهاني؟! إنني لست ضد الحفلات بل إنني من المؤيدين للاحتفال بذكريات النصر لأنه يبعث بقلوب المصريين الفرحة والسعادة والشعور بالإعزاز والفخر.. أليس من الأفضل البحث عن أسلوب آخر لهذه الاحتفالات؟! إن سيناء تشكل لنا شيئا مهماً من تاريخنا الحديث والقديم، فهي أرض الديانات وهي أرض مباركة كما جاء بالقرآن وجميع الكتب السماوية، وهي أرض البطولات عبر العصور وهي بوابة مصر الشرقية، لذا كانت أهمية أرض سيناء اقتصاديا وسياسيا وأمناً قومياً، وسيناء تمثل فراغا استراتيجيا له تأثير علي الأمن القومي لأن أي أرض دون سكان ـ مهما كانت القوة العسكرية ـ لا تساوي شيئا..
ولا شك أن هناك حركة تعمير تمت بعد التحرير، لكن لم تحظ سيناء باهتمام كامل فيجب أن يزحف نحو سيناء سكان الوادي بدلا من أن تكون مطمعا للصهاينة، ولحسن الحظ سيناء غنية بمواردها المتعددة من المعادن المختلفة وهناك جبال الرخام ومناجم الفحم وغيرها، وقد شاهدت بنفسي جبل المغارة والسواعد تستخرج منه أجود أنواع الفحم، وهناك الكثير من المواد التعدينية وبها كنوز المعادن لمن يبحث ويجتهد فلماذا لا يتم إنشاء كلية للبترول وكلية للجيولوجيا وللعلوم؟! أما السياحة فهي بقعة من أروع المناطق السياحية في العالم فهي أرض الفيروز بشواطئها الرائعة وهناك المزارات الدينية الجميلة مثل دير سانت كاترين وجبل موسي وأرض شعيب وعيون موسي.
أما الزراعة فهي عنصر أساسي لجذب السكان، منطقة سهل الطينة وبوصول مياه النيل إليها أصبحت صالحة للزراعة، منطقة وادي العريش التي تحتل ربع مساحة شمال سيناء بها أجود الأراضي الزراعية وكميات المياه الوافدة مع السيول للوادي وروافده الممتدة وأرض سيناء غنية بالمياه الجوفية.. وهناك منطقة وادي فيران الغنية بالمزروعات والتي تستخدم ـ للأسف ـ بالمزروعات الممنوعة من أنواع المخدرات المختلفة لماذا لا نحولها إلي زراعات موسمية؟!
إن مياه الأمطار والسيول والمياه الجوفية يمكن أن تزرع فيها أكثر من مليون فدان، ألا يوفر ذلك فرص عمل للعاطلين من أبناء الريف المصري خصوصا بعد توقف العمل بالعراق؟! لماذا لا نتعلم من أعدائنا وننشئ معسكرات وقري دفاعية؟!
لماذا لا نملك هذه الأرض للمسرحين من القوات المسلحة بالمجان وتكون هناك قوة تدافع عن سيناء كما تفعل إسرائيل في المستوطنات وكتائب الجدناع والناحال..
هناك الكثير فأرض سيناء لها تأثير مباشر علي الأمن القومي افتحوا ملف سيناء وناقشوه وقدموا لأهل سيناء الدعم، فهؤلاء السكان هم الذين عاشوا تحت الاحتلال الصهيوني منذ 67 حتي 73 وقدموا لمصر الكثير وساعدوا رجال المخابرات العامة والمخابرات المصرية والاستطلاع الكثير والكثير.
دعوني أتذكر موقفنا مع العدو الصهيوني لنسترد أرض سيناء ونسترد كرامتنا وعزتنا وكيف كانت الأمة العربية وحدة واحدة وكانت رموز من قوات عربية تعمل بجانب مصر وسوريا، وهناك سلاح البترول وهناك الوقفة العربية القوية الصامدة.
ثم يدور شريط الذكريات لأروع وأجمل ملحمة عسكرية في السادس من أكتوبر 73 كانت وثبة الجيش المصري وعبور قناة السويس في ملحمة هزت العالم لتؤكد أن عصابة الصهاينة لا تصلح معهم عهود أو اتفاقيات لا يعرفون سوي لغة القوة والبطش فكانت قوة الجيش المصري المتسلح بالإيمان والوطنية وبطولات الجندي المصري الذي عبر القناة وحطم حصون بارليف ليتعلمِّ الصهاينة لغة الخطاب وليعلم الجميع أن حرب أكتوبر المجيد قلبت الموازين وغيرت المفاهيم وبدأت المدارس والمعاهد العسكرية في العالم تدرس ما حققه المصريون،
وسارع خبراء الاستراتيجية للاستفادة مما حققه الجندي المصري والضابط المصري خلال تخطيطهم للمعركة سواء الأسلحة المستخدمة ونوعية الجندي المصري خصوصا جندي المشاة الذي فرض نفسه في هذه المعركة رغم أن كل الدراسات قد ألغت دور الجندي المترجل مع التطور التكنولوجي وظهور الأسلحة والمعدات الحديثة وكان أبطال المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات المسماة بالمولوتيكا والتي حصدت ودمرت المئات من دبابات ومركبات العدو الصهيوني،
وكان الطيران المصري البسيط المتمثل في الميج 17، 19 و21 والسوخوي يبثون الرعب في الفانتوم والميراج والسكاي هوك .
وكانت معارك الدبابات المصرية تفوق الوصف وتخالف كل القوانين أمام مدرعات العدو المتقدمة وتم تدمير المئات من دبابات العدو في أروع معارك الدبابات في العالم وكانت منصات الصواريخ الثابتة والمتحركة أنشودة تصرخ وتمنع أي طائرة للعدو من الاقتراب من قناة السويس،
وهناك رجال الصاعقة والمظلات الذين قاموا ببطولات خيالية في قطع طرق الامداد ونصب الكمائن للعدو في عمق دفاعاته وأبادوا أرتالا من مركبات ودبابات ودمروا مناطق الشئون الإدارية والقيادات،
وهناك ملحمة رجال المهندسين العسكريين الذين قاموا بأعظم دور في الحروب الحديثة في نقل خمس فرق مصرية من الغرب إلي شرق القناة وأزالوا حقول الألغام ونصبوا كمائن م.ع للعدو في عمق قواته
أما أبطال البحرية المصرية فكانت أعمالهم قصة رائحة تحتاج للكثير من الصفحات، حقا لقد كانت القوات المسلحة المصرية تحقق أعظم وأروع معركة أسلحة مشتركة في العالم.
والآن ونحن نحتفل بعيد تحرير سيناء أشعر بأننا في أشد الحاجة لعبور جديد يسترد فيه البعض الضمائر التي فقدها والقيم التي أهدرها والمبادئ التي تخلي عنها، نحن في حاجة إلي عبور جديد من الأنانية إلي التضحية ومن الجشع إلي القناعة ومن الحقد إلي الحب ومن المحسوبية إلي المساواة ومن الطمع إلي الزهد، في حاجة إلي عبور من تفكك الأسرة وانقسامها إلي ترابطها واتحادها.
شهر أكتوبر، سيظل محفوراً في ذاكرة كل مصري والحقيقة أن كل ما كتب وحكي من أفلام ومسلسلات وقصص وبرامج ما هو إلا قطرة في بحر انتصار أكتوبر،
ليس قصة عبور القناة واختراق خط وحصون بارليف، ليست مجرد معركة انتصرنا فيها، ولكنها قصة كتبت ونسجت خيوطها وحروفها بدماء رجال لم يعرفوا يوما سوي الشجاعة والفداء والتضحية والبطولات..
قصة انصهرت فيها أصالة شعب رفض الهزيمة، قصة قدم فيها جيل كامل كثيرا من التضحيات والبطولات من أجل مستقبل وكرامة وعزة شعب بأكمله.
وتعود بي الذاكرة مرة أخري لمجموعة من الصور..
الصورة الأولي:
في إحدي أيام عام 1970 سأل صحفي جنرالاً إسرائيلياً كان رئيسا لأركان إحدي الوحدات الإسرائيلية المتمركزة شرق القناة عما يحدث لو حاول المصريون عبور القناة فقهقه الجنرال الصهيوني ورد علي الصحفي: إنني بمفردي بمدفع هاون 81مم أستطيع أن أوقف عبورهم.
الصورة الثانية:
بعد حرب يونيو 67 أجري صحفي ألماني حديثا مع موشي ديان وزير الدفاع الصهيوني وسأله هل يستطيع الجيش المصري هزيمة إسرائيل في أي حرب قادمة؟ فابتسم ديان وقال: ليس للمصريين أي فرصة.. إنهم فقط يستطيعون أن يحاربوا أفضل لو حصلوا علي طيارين ألمان ومقاتلين إسرائيليين.
الصورة الثالثة:
المقال الافتتاحي لصحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية الصادرة في 3 أكتوبر 73 قال رئيس التحرير: إن رئاسة الأركان الإسرائيلية قد اتخذت احتياطات وإجراءات لاحتمال وقوع عمل عسكري مفاجئ،
وفي صحيفة «معاريف» الإسرائيلية الصادرة صباح 6 أكتوبر 73 قال المحرر العسكري: إن جيش الدفاع الإسرائيلي يرقب عن كثب كل ما يدور علي الجانب المصري لقناة السويس وقد اتخذت جميع الإجراءات لتفادي وقوع هجوم مفاجئ.
الصورة الرابعة:
خلال حرب الاستنزاف قمت بإحدي العمليات داخل سيناء علي الموقع الحصين الذي ستقوم كتيبتي بمهاجمته واقتحامه عند قيام المعركة لاستطلاع الموقع، وشاهدت جميع المواقع والدشم ولكن هزني شيء،
وهو لافتة كبيرة علي مدخل الموقع الصهيوني كتب عليها بالعربية والعبرية والإنجليزية «عام 48 أخذنا فلسطين - عام 56 أخذنا شرم الشيخ - عام 67 أخذنا سيناء - عام 75 سنأخذ القاهرة».
عودة للذكريات
لقد كان أكثر المتفائلين يقدر عبور القناة بأنه سيكلف المصريين أكثر من ثلاثين ألف شهيد، وبكل فخر لم تتجاوز خسائرنا في العبور سوي 200 شهيد فقط.
في الساعة الرابعة صباح 6 أكتوبر 73 دق جرس التليفون في منزل الجنرال زعيرا، قائد المخابرات الإسرائيلية، الذي استمتع لمكالمة، ثم وضع السماعة ليتصل علي الفور بالجنرال ديان ثم الجنرال إليعازر، وخلال نصف ساعة كان الجميع في مقر القيادة مع رئيسة الوزراء جولدامائير وقد أيقنوا أن الهجوم المصري السوري سيتم الساعة السادسة مساء هذا اليوم. وفي الساعة الثانية ظهرا، وفي مكتب رئيس شعبة الاستخبات العسكرية التف المراسلون العسكريون حول الجنرال إيلي زعيرا الذي أخذ يشرح لهم الموقف، وفي تلك اللحظ دخل السكرتير الخاص له وأعطاه ورقة نظر فيها زعيرا بعجلة ثم خرج من الغرفة وهو يرد علي الصحفيين بأن كل شيء سيكون علي ما يرام.كان الهجوم المصري قد بدأ بغارات جوية مكثفة قامت بها 240 طائرة وكانت الأهداف التي كلفت بها هي تدمير ثلاثة مطارات في سيناء، وبطاريات الصواريخ المضادة للطائرات وثلاثة مواقع قيادة وسيطرة، محطات الرادر، ومراكز تجمعات المدفعية، مراكز الشئون الإدارية، مراكز الإعانة والشوشرة،
ثم كانت تمهيدات المدفعية أكثر من 2000 مدفع من جميع الأعيرة في وقت واحد تدك مراكز القيادة والرادار والشئون الإدارية وتمركز الدبابات والموقع والدشم ثم بدأ الهجوم بعدد خمسة فرق مشاة «الفرقة السادسة والفرقة 16 والفرقة 18 بقيادة اللواء سعد مأمون قائد الجيش الثاني شمالا، والفرقة السابعة والفرقة 19 بقيادة اللواء عبدالمنعم واصل قائد الجيش الثالث جنوبا علي طول مواجهة قناة السويس 180 كم».
من بورسعيد شمالاً حتي السويس جنوبا باقتحام قناة السويس وتدمير والاستيلاء علي خط بارليف وإنشاء رءوس كباري علي الشاطئ الشرقي للقناة بعمق من 10 ـ 12كم وصد وتدمير الهجمات المضادة ثم وقفه تعبوية مع تطوير الهجوم شرقاً للاستيلاء علي خط المضايق الجبلية الاستراتيجية «الختمية ـ الجدي ـ متلا ـ رأس سدر».
وهنا تظهر عدة عوامل مهمة: مدي صعوبة التخطيط للمعركة في ظل ثوابت
«اخطر واصعب مانع مائي في التاريخ، لما تتميز به قناة السويس من سرعة التيار، وظاهرة المد والجزر أربع مرات يوميا، ثم ساتر ترابي غير مسبوق يصل ارتفاعه علي حافة القناة من 15 ـ 20 متراً ثم هناك تخصينات خط بارليف من دشم واسلاك شائكة وحقول الغام ومواسير نابالم لمسافة 180كم طولاً وعمق 15 كم في صورة 3 خطوط دفاعية وتتوالي المعارك وينتصر الجيش لمصري ونسترد الأرض والكرامة، وكانت خاتمة المعارك تلك المعركة القانونية علي ملكيتنا منطقة طابا بسبب أهميتها الاستراتيجية حيث إنها إحدي البوبات لخليج العقبة وهي منطقة استراتيجية للدفاع عن العقبة وتتحكم في الطرق المؤدية لسيناء كما أنها تعطي بعداً استراتيجيا لميناء ايلات، ورُفع العلم المصري يوم 25 من أبريل علي كل أرض سيناء لنحتفل بهذا اليوم العظيم والحقيقة هنا أتذكر بعض الكلمات التي لها معني كبير: الحروب يصنعها «الرجال الأبطال ويجني ثمارها الانتهازيون»
اللواء محمد حسن الصول ..
محلل عسكري
اليوم نحتفل بذكرى تحرير ارض الفيرزو وليس فقط ذكرى تحرير الارض بل هى ذكرى شهدائنا الذين رواالارض بدماءهم وزرعوها بعرقهم ذكرى نجاح أمة ذكرى وأيمان شعب وأخلاص جنود يوم 25 ابريل هو كل هذا واكثر بكثير هى ذكرى معارك القوات المصرية ذكرى سلسلة انتصارت
وهنا اتيت لكم بمعركة شدوان ومن منا لم يعرف شدوان حتى ولو كان بعيدا عن التاريخ بعيد عن السياسه فهى معركة ذات صدى ممتد على جميع الاجيال شدوان هى جزيرة صخرية منعزلة لا تزيد مساحتها على 70 كيلو متر وتقع بالقرب من مدخل خليج السويس وخليج العقبة بالبحر الأحمر، وعليها فنار لإرشاد السفن وهي تبعد عن الغردقة 35 كيلو متر وعن السويس 325 كيلو متر، وتؤمنها سرية من الصاعقة المصرية، وردار بحري.
معركة شدوان معركة دارت على ارض جزيرة شدوان معركة دارت ل 36 ساعة مستمرة معركة استطاع ان يثبت الجندى المصرى براعته فى المقاومه وايمانه بقضيته واصراره على استرداد ارضه معركة شدوان معركة حفظها التاريخ ليحفظ للجندى المصرى كرمتة وشرفه فى الدفاع عن حبيبات ارضه ليس فقط بشهادة الاعلام المصرى ولكن ايضا بشهادة الاعلام الامريكى فقد جاء على لسان الصحفى الامريكى (جاي بوشينسكي) الذى كان مصاحبا للقوات الإسرائيلية وهو مراسل لإذاعة وستنجهاوس وجريدة شيكاغو نيوز في برقية بعث بها إلى وكالة أنباء "يونايتد برس":
".. رغم أن الطائرات الإسرائيلية قصفت الجزيرة قصفا مركزا لعدة ساعات قبل محاولة انزال القوات الاسرائيلية فقد قاومت القوة المصرية مقاومة باسلة ولم يجعل الأمر سهلا للمهاجمين...
ولما تمكنت القوات الإسرائيلية من النزول على الطرف الشمالي الشرقي للجزيرة بدأت في محاولة لتثبيط عزيمة القوات المصرية بأن أذاعت نداءات متكررة بالميكروفون تدعو القوة المصرية للإستسلام وأنه لا فائدة من المقاومة ، وكان رد المصريين على هذا النداء بقذائف مركزة من المدافع تنصب فوق الجنود الإسرائيليين من كل جانب..
لقد شاهدت بطولات من الجنود المصريين لن أنساها ما حييت:
جندي مصري يقفز من خندقه ويحصد بمدفعه الرشاش قوة من الإسرائيليين، وظل يضرب إلى أن نفذت آخر طلقة معه، ثم أستشهد بعد ان قتل عددا كبيرا من جنود العدو وأصاب عشرات بجراح..
إن القوات الإسرائيلية التى كانت تتلقى مساعدة مستمرة من طائرات الهليكوبتر لم تكن تتقدم الا ببطء شديد للغاية تحت وطأة المقاومة المصرية ولم يكن أى موقع مصري يتوقف عن الضرب إلا عندما ينتهي ما عنده من ذخيرة.
وحين انتهت ذخيرة أحد المواقع وكان به جنديان آسرهما الإسرائيليون ثم طلبوا من أحدهما أن يذهب الى مبنى صغير قرب فنار الجزيرة ليقنع من فيه بالتسليم ثم عاد الجندي المصري ليقول لهم انه وجد المبنى خاليا .. وعلى الفور توجه إلى المبنى ضابط اسرائيلي ومعه عدد من الجنود لإحتلال المبنى وماكادوا يدخلون الى المبنى حتى فوجئوا بالنيران تنهال عليهم من مدفع رشاش يحمله ضابط مصري، وقد قتل في هذه العملية الضابط الإسرائيلي وبعض الجنود الذين كانوا معه اما الضابط المصري البطل الشجاع فقد أصيب بعد أن تكاثر عليه جنود العدو..
وفي موقع آخر خرج جنديان متظاهرين بالتسليم، وحين تقدمت قوة إسرائيلية للقبض عليهما فوجئت بجندي مصري ثالث يبرز فجأة من الموقع بمدفعه الرشاش فيقتل 5 جنود ويصيب عدد من الإسرائيليين".
والاسرائلين أنفسهم فقد جاء على لسان رئيس الأركان الإسرائيلي(( حاييم بارليف)) أن الجنود المصريين يتصدون بقوة للقوات الإسرائيلية ويقاتلون بضراوة شبرا فشبرا فلإحتفاظ بالجزيرة بأي ثمن.
ففى يناير 1970 وخاصة ليلة 21 و22 قامت القوات الجوية والبحرية للعدو الاسرائيلى بتوجيه العدوان للجزيرة شدوان برا وبحرا فقد كانت المعركة داءره بين كتيبة المظلات الإسرائيلية وسرية الصاعقة المصريةوكان القصف شديد على الجزيرة حيث كان العضو يقوم بمهاجمة قواتنا بطائرات الفانتوم وسكاي هوك الأمريكية الصنعورغم أصابت القوات الاسرائليه لبعض قوربنا الا ان قوتنا الجوية كانت تتصدى له واسقطت له عدة طائرتان احدهما من طيراز(( ميراج)) والثانية من طراز(( سكاى هوك )) كما انه كانت توجد خسائر فادحة في الأفراد لا تقل عن ثلاثين بين قتيل ورغم ذلك لم يعلن العدو الاسرائيلى عن بسالة قوتنا وتصدى الجزيرة الا فى عصر يوم السبت ( اليوم الثانى للقتال ) أعلن ان القتال مازال مستمرا على ارض الجزيره رغم انه فى اليوم الاول اعلن انه لا يوجدمقاومة وأكبر دليل على شراسة المعركة استمرار القتال على مدار 36 ساعة استطاعة قوتنا منع العدو من الإقتراب من القطاع الذى يتركز فيه الرادار البحري على الجزيرةوالانسحاب الكامل للكتيبة الإسرائيلية من الأجزاء التى أحتلهتا في الجزيرة.
وهكذا انتهت معركة شدوان
وهنا اتيت لكم بمعركة شدوان ومن منا لم يعرف شدوان حتى ولو كان بعيدا عن التاريخ بعيد عن السياسه فهى معركة ذات صدى ممتد على جميع الاجيال شدوان هى جزيرة صخرية منعزلة لا تزيد مساحتها على 70 كيلو متر وتقع بالقرب من مدخل خليج السويس وخليج العقبة بالبحر الأحمر، وعليها فنار لإرشاد السفن وهي تبعد عن الغردقة 35 كيلو متر وعن السويس 325 كيلو متر، وتؤمنها سرية من الصاعقة المصرية، وردار بحري.
معركة شدوان معركة دارت على ارض جزيرة شدوان معركة دارت ل 36 ساعة مستمرة معركة استطاع ان يثبت الجندى المصرى براعته فى المقاومه وايمانه بقضيته واصراره على استرداد ارضه معركة شدوان معركة حفظها التاريخ ليحفظ للجندى المصرى كرمتة وشرفه فى الدفاع عن حبيبات ارضه ليس فقط بشهادة الاعلام المصرى ولكن ايضا بشهادة الاعلام الامريكى فقد جاء على لسان الصحفى الامريكى (جاي بوشينسكي) الذى كان مصاحبا للقوات الإسرائيلية وهو مراسل لإذاعة وستنجهاوس وجريدة شيكاغو نيوز في برقية بعث بها إلى وكالة أنباء "يونايتد برس":
".. رغم أن الطائرات الإسرائيلية قصفت الجزيرة قصفا مركزا لعدة ساعات قبل محاولة انزال القوات الاسرائيلية فقد قاومت القوة المصرية مقاومة باسلة ولم يجعل الأمر سهلا للمهاجمين...
ولما تمكنت القوات الإسرائيلية من النزول على الطرف الشمالي الشرقي للجزيرة بدأت في محاولة لتثبيط عزيمة القوات المصرية بأن أذاعت نداءات متكررة بالميكروفون تدعو القوة المصرية للإستسلام وأنه لا فائدة من المقاومة ، وكان رد المصريين على هذا النداء بقذائف مركزة من المدافع تنصب فوق الجنود الإسرائيليين من كل جانب..
لقد شاهدت بطولات من الجنود المصريين لن أنساها ما حييت:
جندي مصري يقفز من خندقه ويحصد بمدفعه الرشاش قوة من الإسرائيليين، وظل يضرب إلى أن نفذت آخر طلقة معه، ثم أستشهد بعد ان قتل عددا كبيرا من جنود العدو وأصاب عشرات بجراح..
إن القوات الإسرائيلية التى كانت تتلقى مساعدة مستمرة من طائرات الهليكوبتر لم تكن تتقدم الا ببطء شديد للغاية تحت وطأة المقاومة المصرية ولم يكن أى موقع مصري يتوقف عن الضرب إلا عندما ينتهي ما عنده من ذخيرة.
وحين انتهت ذخيرة أحد المواقع وكان به جنديان آسرهما الإسرائيليون ثم طلبوا من أحدهما أن يذهب الى مبنى صغير قرب فنار الجزيرة ليقنع من فيه بالتسليم ثم عاد الجندي المصري ليقول لهم انه وجد المبنى خاليا .. وعلى الفور توجه إلى المبنى ضابط اسرائيلي ومعه عدد من الجنود لإحتلال المبنى وماكادوا يدخلون الى المبنى حتى فوجئوا بالنيران تنهال عليهم من مدفع رشاش يحمله ضابط مصري، وقد قتل في هذه العملية الضابط الإسرائيلي وبعض الجنود الذين كانوا معه اما الضابط المصري البطل الشجاع فقد أصيب بعد أن تكاثر عليه جنود العدو..
وفي موقع آخر خرج جنديان متظاهرين بالتسليم، وحين تقدمت قوة إسرائيلية للقبض عليهما فوجئت بجندي مصري ثالث يبرز فجأة من الموقع بمدفعه الرشاش فيقتل 5 جنود ويصيب عدد من الإسرائيليين".
والاسرائلين أنفسهم فقد جاء على لسان رئيس الأركان الإسرائيلي(( حاييم بارليف)) أن الجنود المصريين يتصدون بقوة للقوات الإسرائيلية ويقاتلون بضراوة شبرا فشبرا فلإحتفاظ بالجزيرة بأي ثمن.
ففى يناير 1970 وخاصة ليلة 21 و22 قامت القوات الجوية والبحرية للعدو الاسرائيلى بتوجيه العدوان للجزيرة شدوان برا وبحرا فقد كانت المعركة داءره بين كتيبة المظلات الإسرائيلية وسرية الصاعقة المصريةوكان القصف شديد على الجزيرة حيث كان العضو يقوم بمهاجمة قواتنا بطائرات الفانتوم وسكاي هوك الأمريكية الصنعورغم أصابت القوات الاسرائليه لبعض قوربنا الا ان قوتنا الجوية كانت تتصدى له واسقطت له عدة طائرتان احدهما من طيراز(( ميراج)) والثانية من طراز(( سكاى هوك )) كما انه كانت توجد خسائر فادحة في الأفراد لا تقل عن ثلاثين بين قتيل ورغم ذلك لم يعلن العدو الاسرائيلى عن بسالة قوتنا وتصدى الجزيرة الا فى عصر يوم السبت ( اليوم الثانى للقتال ) أعلن ان القتال مازال مستمرا على ارض الجزيره رغم انه فى اليوم الاول اعلن انه لا يوجدمقاومة وأكبر دليل على شراسة المعركة استمرار القتال على مدار 36 ساعة استطاعة قوتنا منع العدو من الإقتراب من القطاع الذى يتركز فيه الرادار البحري على الجزيرةوالانسحاب الكامل للكتيبة الإسرائيلية من الأجزاء التى أحتلهتا في الجزيرة.
وهكذا انتهت معركة شدوان
تحرير سيناء ... مسيرة نضال
في الخامس والعشرين من ابريل عام 1982 قام الرئيس محمد حسنى مبارك برفع العلم المصري فوق شبه جزيرة سيناء بعد استعادتها كاملة من المحتل الإسرائيلي
بالطبع كان هذا هو المشهد الأخير في سلسة طويلة من الصراع المصري الإسرائيلي انتهى باستعادة الأراضي المصرية كاملة بعد انتصار كاسح للسياسة والعسكرية المصرية
لم تبدأ الملحمة المصرية في السادس من أكتوبر عام 1973 ، بل بدأت منذ عام 1968 مع انطلاق حرب الاستنزاف التي نقلت الإستراتيجية المصرية من مرحلة الصمود إلى مرحلة الردع
وقد كانت حرب الاستنزاف تمثل ضرورة عسكرية ملخصها ان الجيش المصرى و ان كان فى هذه المرحلة لا يستطيع استعادة سيناء ولكنه يستطيع كسر معنويات إسرائيل بواسطة الاستنزاف
وتستمر مشاهد البطولة حتى تنتهى عام 1973 بحرب العبور المجيدة حيث تجلت أعظم ملاحم الشجاعة والفداء في حرب خاضتها مصر كلها قلبا وقالبا فى مواجهة إسرائيل ، فقد تزلزل الكيان الصهيوني وقضت مصر علي أسطورة الجيش الذي لا يقهر.. باقتحامها لقناة السويس اكبر مانع مائي واجتياحها لكامل نقاط خط بارليف.. واستيلائها خلال ساعات قليلة علي الضفة الشرقية لقناة السويس بكل نقاطها وحصونها.. ثم إدارتها لقتال شرس في عمق الضفة الشرقية وعلي الضفة الغربية للقناة
فبعد مرورخمس و ثلاثون عاما على انتصار القوات المصرية على القوات الإسرائيلية فى حرب أكتوبر 73 بات واضحا أن الهزيمة الإعلامية التى لاقتها إسرائيل أثناء وبعد حرب أكتوبر 1973، كانت تعادل حجم هزيمتها العسكرية فى جبهات القتال.. كما تعادل هزيمتها السياسية قبيل وأثناء وبعد حرب أكتوبر، وكان تخبط أجهزة الإعلام والدعاية الإسرائيلية أثناء الأيام الأولى من الحرب انما يعكس تخبط القيادة الاسرائيلية العليا، وقصورها فى ميدان القتال..وهو ما أكده الكثير من خبراء الإعلام فى أوروبا والولايات المتحدة آنذاك.. فكما يقول أحد خبراء الدعاية والحرب النفسية الأمريكيين..أن الإسرائيليين لا يحبون سماع الحقيقة إذا كانت تصور أنباءا غير سارة، وأنه توجد نظرية إسرائيلية تقول أن الإسرائيلى لا يحب سماع الأنباء السيئة حتى ولو كانت صحيحة..!! ولذا قامت أجهزة الإعلام الإسرائيلية بالتعاون مع قيادات الجيش بإخفاء الحقائق عن الشعب الإسرائيلى ولاسيما فى الأسبوع الأولى من الحرب..!! وهناك الكثير من الأمثلة التى تؤكد ذلك.. فبعد اجتياح القوات المصرية لخط بارليف.. لم تعلن إسرائيل عن تحطيم هذا الخط، بل ظلت الإذاعة الإسرائيلية تذيع تصريحات لبعض الجنرالات يؤكدون فيها القضاء على المصريين فى غضون ساعات وليست أيام!!، وأيضا صرح موشى ديان وبعده دافيد اليعازر بأنهم "سيكسروا أعناق الجيوش المصرية" ويعطوها درسا لن ينسى.. وهذه التصريحات كانت أثناء اقتحام القوات المصرية لكامل حصون خط بارليف.. والغريب أنه على الرغم من زيارة المراسلين الأجانب لتلك الحصون بعدما استولت عليها القوات المصرية..
إلا أن إسرائيل اصرت على أن هناك مراكز حصنة لم تسلم..!! والمثال الأخيرة من بين مئات الأمثلة هو تخبط الدعاية الإسرائيلية بالنسبة لسلاح الجو الإسرائيلى الذى لا يقهر، والذراع الطويلة لها والتى تعاقب بواسطته أى دولة عربية إذا شاءت...فقد كانت طائرات هذا السلاح تتساقط كأوراق الخريف.. وكان طياروا إسرائيل ما بين قتيل أو أسير، أو تحت أوامر مشددة بعدم الاقتراب من حائط الصواريخ المصرى.. أى أنه كان فى الحقيقة بلا أى فاعلية قتالية..مما جعل بلبلة الشعب فى إسرائيل تزداد وروحه المعنوية تصل لأسوأ أحوالها وذلك بسبب الصمت الرهيب الذى أحاطت به
أكتوبر فى عيون الغرب..
جاءت الدراسة النهائية عن حرب السادس من أكتوبر والتى قام بها مجموعة من العسكريين وأساتذة الاستراتيجيات والتاريخ "بمعهد الدراسات الاستراتيجية البريطانى" لتؤكد ما يلى وبالحرف الواحد..
"لقد نجحت مصر فى الوصول إلى أهدافها السياسية عن طريق استخدام قواتها المسلحة، ولهذا فإن العرب هذه المرة قد كسبوا أول حرب ضد إسرائيل..عسكريا..لتحقيق هدف العمليات الحربية.. وسياسيا وهو الهدف الرئيسى لهذه الحرب..ورغم أن هناك بعض التحيز الواضح فى هذه الدراسات إلا أنها تكشف إلى حد كبير عن ذهول المراقبين العسكريين لمنطقة الشرق الأوسط وذلك بالنسبة للأحداث السريعة التى تعاقبت منذ الساعة الثانية بعد ظهر السادس من أكتوبر أى ساعة الصفر المصرية.. وانتهت هذه الدراسات بالنتيجة التالية.. "الإسرائيليون أدركوا ولأول مرة كم هى باهظة تكاليف الحرب من أرواح البشر، وكذلك أدركوا أنهم لا يتحملون حرب استنزاف طويلة نظرا لأنهم يعتمدون على الولايات المتحدة بشكل متزايد، وأكدت الدراسة أن عامل الزمن لم يعد فى صالح تل أبيب، والمثير أن إسرائيل نفسها قد توصلت إلى هذه النتيجة أيضا..واختتمت الدراسة بالجملة الآتية "إن حرب أكتوبر أكدت أن سياسة إسرائيل القائمة على إمتلاك الرادع العسكرى قد أثبتت فشلها الكامل"...، ويؤكد تقرير استراتيجى لحلف الأطلنطى عن حرب أكتوبر على أن ثمة ثلاث معارك انتصرت فيها القوات المصرية مما حدد مصير حرب أكتوبر1973
معركة السرية المطلقة والتى سبقت الإعداد للهجوم المصرى.. فلقد كانت النتيجة لهذه السرية المطلقة هى بروز عنصر المفاجأة لإسرائيل.. والمفاجأة نفسها كما أعلنت رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك كانت أحد أهم أسباب القصور والخسائر الكثيرة لهم أى أنها كانت سبب هزيمتهم..
- معركة عبور قناة السويس، وتحطيم خط بارليف واستيلاء القوات المصرية عليه وهو ما حدد هدف العملية العسكرية بتحرير الأرض المحتلة، وقد وصف هذا التقرير عملية العبور العظيمة بأنها أدت إلى ارتباك القيادة الإسرائيلية وتخبطها فى إصدار القرارات، وبالتالى الخسائر الكبيرة فى القتلى والجرحى والأسرى وأيضا فى المعدات..
- معركة الدبابات الكبرى فى سيناء والتى أطلق عليها تقرير حلف الأطلنطى "أكبر المعارك للمدرعات عرفتها الحروب
ولعل هذه المعارك الثلاث وإبداع الجندى المصرى فى صياغتها كانت ضمن أهم وأبرز العوامل التى جعلت من حرب أكتوبر أسطورة فى سجلات التاريخ
قصة جندى مصرى من أبطال الذين ساهموا فى كتابة حرب أكتوبر
هناك كثيرا من الذكريات فى قلوب مئات الألأف من الجنود الذين خاضوا اخر حروب مصر واشدها منذ الفراعنة واخشى انها سوف تموت معنا و لا يعلم أحدا شيئا عنها ـ عبد الله المصرى
رفع درجة الاستعداد "حالة أولى عمليات"
قبل بدء الحرب بعدة أيام شعرنا بأن شئ ما سيحدث فى القريب العاجل فقد صدر الامر برفع درجة الاستعداد إلى "حالة أولى عمليات" أى الحالة القصوى وهذا يعنى قتال واختفت طائرات التدريب من شاشات الرادار لنصبح مطلقى اليد وبدأنا نعد أنفسنا للرحيل الى الجبهة
سنقاتل .... سنقاتل .... الله أكبر
فى يوم السادس من أكتوبر إندلع القتال إنه يوم الثأر وتحرير الأرض و الذى كنا ننتظره بفارغ الصبر وبدأ جنود الكتيبة 14 ثائرين ... ماذا نفعل هنا ؟!! إن مكاننا هناك على الجبهة و اجتمع قائد الكتيبة بنا و قال نحن فى إنتظار الأوامر و فعلا وصل الأمر و كان سرورا عظيما سوف يكون لنا شرف الدفاع عن مصر و تحرير الارض و دخول التاريخ وبدأ الجنود يهتفون سنقاتل....سنقاتل... الله أكبر ... الله أكبر
تم فك الكتيبة فى لمح البصر ووضعها على القطار المخصص لنا و المتجه إلى الجبهة و بدأ يطوى الطريق فى سرعة و كانت له الأولوية فقد كانت تقف جميع القطارات الأخرى لتفسح له الطريق وكان يتم تغيير القاطرة له بسرعة و وصل الى محطة "طنطا" على ما أذكر ليلا و كانت وجهتنا سرية ولم نكن نعلم من أى مكان سوف ندخل الجبهة ثم أتجه الى مدينة " المنصورة " و تم إنزال المعدات و علمنا أننا سوف نكمل الطريق بواسطة عرباتنا
فى الصباح حدث اشتباك بين قواعد الصواريخ المحيطة بمدينة " المنصورة " و طائرات العدو وتم إسقاط عددا منها و فى المساء بدأ التحرك فى اتجاه " دمياط " و منها الى " بورسعيد ". لا أستطيع أن أنسى ابدا المصريين البسطاء من فلاحينا الذين خرجوا على طول الطريق من المنصورة حتى دمياط يقذفون لنا كل ما يملكون من حلوى و طعام حتى البصل و الفجل والجرجير والدعوات من كل فم الله معكم.. الله معكم... و نحن على عرباتنا "بشدة " القتال لقد شعرت أن مصر كلها أسرة واحدة
وفي يوم 25 إبريل1982 تم تحرير كل شبر من سيناء فيما عدا الشبر الأخير ممثلا في مشكلة طابا التي أوجدتها إسرائيل في آخر أيام انسحابها من سيناء ، وقد استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة سبع سنوات من الجهد الدبلوماسي المكثف.. وانتهت باسترداد الشبر الأخير من أرض سيناء, ورفع عليه الرئيس حسني مبارك علم مصر في مارس1989 بعد إزالة الوجود الإسرائيلي من المنطقة ، لتكتمل مسيرة نضال شعب دامت خمسة عشر عاما
أكتوبر و ما بعد النصر
توقف القتال تماما يوم 28 أكتوبر 1973 بعدما أدركت إسرائيل انها خسرت المعركة وان الجيش المصري متمسك بمواقعه التي حررها من إسرائيل ووافقت إسرائيل على قبول وقف إطلاق النار والدخول فورا في مباحثات عسكرية للفصل بين القوات لتبدأ مراحل المفاوضات من خيمة الأمم المتحدة في الكيلو101 طريق القاهرة ـ السويس وهي المسيرة التى استمرتا حتى التحرير الكامل للأرض [حرب أكتوبر ]
ولقد شهدت عملية الانسحاب من سيناء ثلاث مراحل أساسية حسبما ذكر الدكتور طه المجدوب فى مقاله بجريدة الأهرام حيث مثلت المرحلة الأولي النتيجة العملية المباشرة للحرب.. والتي انتهت في عام1975 بتحرير8000 كم مربع ، وتحقيق أوضاع عسكرية تمثل سلاما عسكريا بين الطرفين
وقد تم خلال هذه المرحلة استرداد منطقة المضايق الإستراتيجية وحقول البترول الغنية علي الساحل الشرقي لخليج السويس، ثم نفذت المرحلتان الثانية والثالثة في إطار معاهدة السلام(1979 ـ1982)
وتضمنت المرحلة الثانية انسحابا كاملا من خط العريش - رأس محمد والتي انتهت في يناير1980 وتم خلالها تحرير32000 كم مربع من سيناء ليصبح اجمالي الأراضي المحررة40000 كم مربع وتمثل ثلثي مساحة سيناء
أما المرحلة الثالثة والأخيرة.. فقد أتمت خلالها إسرائيل الانسحاب إلي خط الحدود الدولية الشرقية لمصر.. وتحرير21000 كم مربع من سيناء
سيناء بعد التحرير
بمجرد انتهاء المرحلة الثانية للانسحاب في يناير1980.. انطلقت القيادة المصرية نحو تعمير الجزء الذي تم تحريره في سيناء أكثر من65% من مساحة سيناء ، وبدأت مشروعات ربطه بوادي النيل والعمل علي تحويل سيناء الي منطقة إستراتيجية متكاملة تمثل درع مصر الشرقية
ومن أجل ذلك تمت اعادة تقسيم سيناء اداريا الي محافظتين.. بعد أن كانت محافظة واحدة فقسمت الي محافظة شمال سيناء ومحافظة جنوب سيناء فيما انضمت شريحة من سيناء شرق قناة السويس بعرض20 كيلو مترا الي محافظات القناة الثلاث: بورسعيد والإسماعيلية والسويس.. تأكيدا لارتباط سيناء بوادي النيل.. حيث لم تعد القناة تمثل حاجزا إداريا يعزل شبه جزيرة سيناء عن وادي النيل
وبدأ تنفيذ العمليات الكبري لتحقيق الربط الجغرافي بين وادي النيل وسيناء عبر قناة السويس، فأنشئ نفق أحمد حمدي شمال السويس.. ليمر تحت القناة ويربط غربها بشرقها برا.. كما شقت ترعة السلام جنوب بورسعيد إلي سيناء لكي تروي بمياه النيل ما يقرب من نصف مليون فدان في شمال سيناء
وفي إطار الخطة القومية لإعادة تعمير سيناء والتي ستستمر حتي عام2017.. استكملت عملية الربط العضوي بإنشاء جسرين فوق القناة هما: الكوبري المعلق جنوب القنطرة وكوبري الفردان المتحرك للسكك الحديدية فضلا عن مد خط السكة الحديد بين الإسماعيلية ورفح ويبلغ طوله217 كيلو مترا
وبعد .. فمن حق مصر ان تفخر بدماء أبنائها الطاهرة والتي سالت من اجل تحرير أراضيها وصون كرامتها .. فلنرفع رؤوسنا عاليا احتفالا بهذا اليوم العظيم.
بالطبع كان هذا هو المشهد الأخير في سلسة طويلة من الصراع المصري الإسرائيلي انتهى باستعادة الأراضي المصرية كاملة بعد انتصار كاسح للسياسة والعسكرية المصرية
لم تبدأ الملحمة المصرية في السادس من أكتوبر عام 1973 ، بل بدأت منذ عام 1968 مع انطلاق حرب الاستنزاف التي نقلت الإستراتيجية المصرية من مرحلة الصمود إلى مرحلة الردع
وقد كانت حرب الاستنزاف تمثل ضرورة عسكرية ملخصها ان الجيش المصرى و ان كان فى هذه المرحلة لا يستطيع استعادة سيناء ولكنه يستطيع كسر معنويات إسرائيل بواسطة الاستنزاف
وتستمر مشاهد البطولة حتى تنتهى عام 1973 بحرب العبور المجيدة حيث تجلت أعظم ملاحم الشجاعة والفداء في حرب خاضتها مصر كلها قلبا وقالبا فى مواجهة إسرائيل ، فقد تزلزل الكيان الصهيوني وقضت مصر علي أسطورة الجيش الذي لا يقهر.. باقتحامها لقناة السويس اكبر مانع مائي واجتياحها لكامل نقاط خط بارليف.. واستيلائها خلال ساعات قليلة علي الضفة الشرقية لقناة السويس بكل نقاطها وحصونها.. ثم إدارتها لقتال شرس في عمق الضفة الشرقية وعلي الضفة الغربية للقناة
فبعد مرورخمس و ثلاثون عاما على انتصار القوات المصرية على القوات الإسرائيلية فى حرب أكتوبر 73 بات واضحا أن الهزيمة الإعلامية التى لاقتها إسرائيل أثناء وبعد حرب أكتوبر 1973، كانت تعادل حجم هزيمتها العسكرية فى جبهات القتال.. كما تعادل هزيمتها السياسية قبيل وأثناء وبعد حرب أكتوبر، وكان تخبط أجهزة الإعلام والدعاية الإسرائيلية أثناء الأيام الأولى من الحرب انما يعكس تخبط القيادة الاسرائيلية العليا، وقصورها فى ميدان القتال..وهو ما أكده الكثير من خبراء الإعلام فى أوروبا والولايات المتحدة آنذاك.. فكما يقول أحد خبراء الدعاية والحرب النفسية الأمريكيين..أن الإسرائيليين لا يحبون سماع الحقيقة إذا كانت تصور أنباءا غير سارة، وأنه توجد نظرية إسرائيلية تقول أن الإسرائيلى لا يحب سماع الأنباء السيئة حتى ولو كانت صحيحة..!! ولذا قامت أجهزة الإعلام الإسرائيلية بالتعاون مع قيادات الجيش بإخفاء الحقائق عن الشعب الإسرائيلى ولاسيما فى الأسبوع الأولى من الحرب..!! وهناك الكثير من الأمثلة التى تؤكد ذلك.. فبعد اجتياح القوات المصرية لخط بارليف.. لم تعلن إسرائيل عن تحطيم هذا الخط، بل ظلت الإذاعة الإسرائيلية تذيع تصريحات لبعض الجنرالات يؤكدون فيها القضاء على المصريين فى غضون ساعات وليست أيام!!، وأيضا صرح موشى ديان وبعده دافيد اليعازر بأنهم "سيكسروا أعناق الجيوش المصرية" ويعطوها درسا لن ينسى.. وهذه التصريحات كانت أثناء اقتحام القوات المصرية لكامل حصون خط بارليف.. والغريب أنه على الرغم من زيارة المراسلين الأجانب لتلك الحصون بعدما استولت عليها القوات المصرية..
إلا أن إسرائيل اصرت على أن هناك مراكز حصنة لم تسلم..!! والمثال الأخيرة من بين مئات الأمثلة هو تخبط الدعاية الإسرائيلية بالنسبة لسلاح الجو الإسرائيلى الذى لا يقهر، والذراع الطويلة لها والتى تعاقب بواسطته أى دولة عربية إذا شاءت...فقد كانت طائرات هذا السلاح تتساقط كأوراق الخريف.. وكان طياروا إسرائيل ما بين قتيل أو أسير، أو تحت أوامر مشددة بعدم الاقتراب من حائط الصواريخ المصرى.. أى أنه كان فى الحقيقة بلا أى فاعلية قتالية..مما جعل بلبلة الشعب فى إسرائيل تزداد وروحه المعنوية تصل لأسوأ أحوالها وذلك بسبب الصمت الرهيب الذى أحاطت به
أكتوبر فى عيون الغرب..
جاءت الدراسة النهائية عن حرب السادس من أكتوبر والتى قام بها مجموعة من العسكريين وأساتذة الاستراتيجيات والتاريخ "بمعهد الدراسات الاستراتيجية البريطانى" لتؤكد ما يلى وبالحرف الواحد..
"لقد نجحت مصر فى الوصول إلى أهدافها السياسية عن طريق استخدام قواتها المسلحة، ولهذا فإن العرب هذه المرة قد كسبوا أول حرب ضد إسرائيل..عسكريا..لتحقيق هدف العمليات الحربية.. وسياسيا وهو الهدف الرئيسى لهذه الحرب..ورغم أن هناك بعض التحيز الواضح فى هذه الدراسات إلا أنها تكشف إلى حد كبير عن ذهول المراقبين العسكريين لمنطقة الشرق الأوسط وذلك بالنسبة للأحداث السريعة التى تعاقبت منذ الساعة الثانية بعد ظهر السادس من أكتوبر أى ساعة الصفر المصرية.. وانتهت هذه الدراسات بالنتيجة التالية.. "الإسرائيليون أدركوا ولأول مرة كم هى باهظة تكاليف الحرب من أرواح البشر، وكذلك أدركوا أنهم لا يتحملون حرب استنزاف طويلة نظرا لأنهم يعتمدون على الولايات المتحدة بشكل متزايد، وأكدت الدراسة أن عامل الزمن لم يعد فى صالح تل أبيب، والمثير أن إسرائيل نفسها قد توصلت إلى هذه النتيجة أيضا..واختتمت الدراسة بالجملة الآتية "إن حرب أكتوبر أكدت أن سياسة إسرائيل القائمة على إمتلاك الرادع العسكرى قد أثبتت فشلها الكامل"...، ويؤكد تقرير استراتيجى لحلف الأطلنطى عن حرب أكتوبر على أن ثمة ثلاث معارك انتصرت فيها القوات المصرية مما حدد مصير حرب أكتوبر1973
معركة السرية المطلقة والتى سبقت الإعداد للهجوم المصرى.. فلقد كانت النتيجة لهذه السرية المطلقة هى بروز عنصر المفاجأة لإسرائيل.. والمفاجأة نفسها كما أعلنت رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك كانت أحد أهم أسباب القصور والخسائر الكثيرة لهم أى أنها كانت سبب هزيمتهم..
- معركة عبور قناة السويس، وتحطيم خط بارليف واستيلاء القوات المصرية عليه وهو ما حدد هدف العملية العسكرية بتحرير الأرض المحتلة، وقد وصف هذا التقرير عملية العبور العظيمة بأنها أدت إلى ارتباك القيادة الإسرائيلية وتخبطها فى إصدار القرارات، وبالتالى الخسائر الكبيرة فى القتلى والجرحى والأسرى وأيضا فى المعدات..
- معركة الدبابات الكبرى فى سيناء والتى أطلق عليها تقرير حلف الأطلنطى "أكبر المعارك للمدرعات عرفتها الحروب
ولعل هذه المعارك الثلاث وإبداع الجندى المصرى فى صياغتها كانت ضمن أهم وأبرز العوامل التى جعلت من حرب أكتوبر أسطورة فى سجلات التاريخ
قصة جندى مصرى من أبطال الذين ساهموا فى كتابة حرب أكتوبر
هناك كثيرا من الذكريات فى قلوب مئات الألأف من الجنود الذين خاضوا اخر حروب مصر واشدها منذ الفراعنة واخشى انها سوف تموت معنا و لا يعلم أحدا شيئا عنها ـ عبد الله المصرى
رفع درجة الاستعداد "حالة أولى عمليات"
قبل بدء الحرب بعدة أيام شعرنا بأن شئ ما سيحدث فى القريب العاجل فقد صدر الامر برفع درجة الاستعداد إلى "حالة أولى عمليات" أى الحالة القصوى وهذا يعنى قتال واختفت طائرات التدريب من شاشات الرادار لنصبح مطلقى اليد وبدأنا نعد أنفسنا للرحيل الى الجبهة
سنقاتل .... سنقاتل .... الله أكبر
فى يوم السادس من أكتوبر إندلع القتال إنه يوم الثأر وتحرير الأرض و الذى كنا ننتظره بفارغ الصبر وبدأ جنود الكتيبة 14 ثائرين ... ماذا نفعل هنا ؟!! إن مكاننا هناك على الجبهة و اجتمع قائد الكتيبة بنا و قال نحن فى إنتظار الأوامر و فعلا وصل الأمر و كان سرورا عظيما سوف يكون لنا شرف الدفاع عن مصر و تحرير الارض و دخول التاريخ وبدأ الجنود يهتفون سنقاتل....سنقاتل... الله أكبر ... الله أكبر
تم فك الكتيبة فى لمح البصر ووضعها على القطار المخصص لنا و المتجه إلى الجبهة و بدأ يطوى الطريق فى سرعة و كانت له الأولوية فقد كانت تقف جميع القطارات الأخرى لتفسح له الطريق وكان يتم تغيير القاطرة له بسرعة و وصل الى محطة "طنطا" على ما أذكر ليلا و كانت وجهتنا سرية ولم نكن نعلم من أى مكان سوف ندخل الجبهة ثم أتجه الى مدينة " المنصورة " و تم إنزال المعدات و علمنا أننا سوف نكمل الطريق بواسطة عرباتنا
فى الصباح حدث اشتباك بين قواعد الصواريخ المحيطة بمدينة " المنصورة " و طائرات العدو وتم إسقاط عددا منها و فى المساء بدأ التحرك فى اتجاه " دمياط " و منها الى " بورسعيد ". لا أستطيع أن أنسى ابدا المصريين البسطاء من فلاحينا الذين خرجوا على طول الطريق من المنصورة حتى دمياط يقذفون لنا كل ما يملكون من حلوى و طعام حتى البصل و الفجل والجرجير والدعوات من كل فم الله معكم.. الله معكم... و نحن على عرباتنا "بشدة " القتال لقد شعرت أن مصر كلها أسرة واحدة
وفي يوم 25 إبريل1982 تم تحرير كل شبر من سيناء فيما عدا الشبر الأخير ممثلا في مشكلة طابا التي أوجدتها إسرائيل في آخر أيام انسحابها من سيناء ، وقد استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة سبع سنوات من الجهد الدبلوماسي المكثف.. وانتهت باسترداد الشبر الأخير من أرض سيناء, ورفع عليه الرئيس حسني مبارك علم مصر في مارس1989 بعد إزالة الوجود الإسرائيلي من المنطقة ، لتكتمل مسيرة نضال شعب دامت خمسة عشر عاما
أكتوبر و ما بعد النصر
توقف القتال تماما يوم 28 أكتوبر 1973 بعدما أدركت إسرائيل انها خسرت المعركة وان الجيش المصري متمسك بمواقعه التي حررها من إسرائيل ووافقت إسرائيل على قبول وقف إطلاق النار والدخول فورا في مباحثات عسكرية للفصل بين القوات لتبدأ مراحل المفاوضات من خيمة الأمم المتحدة في الكيلو101 طريق القاهرة ـ السويس وهي المسيرة التى استمرتا حتى التحرير الكامل للأرض [حرب أكتوبر ]
ولقد شهدت عملية الانسحاب من سيناء ثلاث مراحل أساسية حسبما ذكر الدكتور طه المجدوب فى مقاله بجريدة الأهرام حيث مثلت المرحلة الأولي النتيجة العملية المباشرة للحرب.. والتي انتهت في عام1975 بتحرير8000 كم مربع ، وتحقيق أوضاع عسكرية تمثل سلاما عسكريا بين الطرفين
وقد تم خلال هذه المرحلة استرداد منطقة المضايق الإستراتيجية وحقول البترول الغنية علي الساحل الشرقي لخليج السويس، ثم نفذت المرحلتان الثانية والثالثة في إطار معاهدة السلام(1979 ـ1982)
وتضمنت المرحلة الثانية انسحابا كاملا من خط العريش - رأس محمد والتي انتهت في يناير1980 وتم خلالها تحرير32000 كم مربع من سيناء ليصبح اجمالي الأراضي المحررة40000 كم مربع وتمثل ثلثي مساحة سيناء
أما المرحلة الثالثة والأخيرة.. فقد أتمت خلالها إسرائيل الانسحاب إلي خط الحدود الدولية الشرقية لمصر.. وتحرير21000 كم مربع من سيناء
سيناء بعد التحرير
بمجرد انتهاء المرحلة الثانية للانسحاب في يناير1980.. انطلقت القيادة المصرية نحو تعمير الجزء الذي تم تحريره في سيناء أكثر من65% من مساحة سيناء ، وبدأت مشروعات ربطه بوادي النيل والعمل علي تحويل سيناء الي منطقة إستراتيجية متكاملة تمثل درع مصر الشرقية
ومن أجل ذلك تمت اعادة تقسيم سيناء اداريا الي محافظتين.. بعد أن كانت محافظة واحدة فقسمت الي محافظة شمال سيناء ومحافظة جنوب سيناء فيما انضمت شريحة من سيناء شرق قناة السويس بعرض20 كيلو مترا الي محافظات القناة الثلاث: بورسعيد والإسماعيلية والسويس.. تأكيدا لارتباط سيناء بوادي النيل.. حيث لم تعد القناة تمثل حاجزا إداريا يعزل شبه جزيرة سيناء عن وادي النيل
وبدأ تنفيذ العمليات الكبري لتحقيق الربط الجغرافي بين وادي النيل وسيناء عبر قناة السويس، فأنشئ نفق أحمد حمدي شمال السويس.. ليمر تحت القناة ويربط غربها بشرقها برا.. كما شقت ترعة السلام جنوب بورسعيد إلي سيناء لكي تروي بمياه النيل ما يقرب من نصف مليون فدان في شمال سيناء
وفي إطار الخطة القومية لإعادة تعمير سيناء والتي ستستمر حتي عام2017.. استكملت عملية الربط العضوي بإنشاء جسرين فوق القناة هما: الكوبري المعلق جنوب القنطرة وكوبري الفردان المتحرك للسكك الحديدية فضلا عن مد خط السكة الحديد بين الإسماعيلية ورفح ويبلغ طوله217 كيلو مترا
وبعد .. فمن حق مصر ان تفخر بدماء أبنائها الطاهرة والتي سالت من اجل تحرير أراضيها وصون كرامتها .. فلنرفع رؤوسنا عاليا احتفالا بهذا اليوم العظيم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق